اكتب هذا اليوم حتي اتمكن من توصيف العقبات في اللقاء هذا المساء، وربما ايضاً للتأمل في استخدام المعلومة في عملنا كناشطين، علّنا نطالب حكوماتنا بالمزيد منها، وربما لأسمع منكم ما يمكن ان يضيف على مساهمتي اليوم. وللحديث تتمة ان اردت الخوض في جانب النشاط في باستخدام الوسائل التقنية، والحديث عن حال الانترنت في لبنان مثلاً، او خدمات الهاتف الخليوي وتكلفته.
ما الذي اضيفه الى لقاء اليوم؟ ماذ ا اقول لهم عن كيف وظفنا المعلومات في عملنا المطلبي؟ في اوقات الحرب.. طبعاً، في انتهاكات بلداننا لحقوق الانسان، احياناً (مع تعريض العديد ممن فعل ذلك حياته للخطر). لكن حين ابحث عن التغيير بمعناه طويل الأمد، ذلك الذي يغير بنى انظمتنا السياسية، ويؤسس لعلاقة لنا مختلفة مع السلطة، اتساؤل حكماً عن علاقتا بالمعلومات، وبمفاهيم مثل حرية الوصول الى المعلومات التي تشكل جزء اساسي من المشاركة في الحكم.
لا اضيف جديداً ان قلت ان حكوماتنا بالأغلب لا تشاركنا المعلومات، حول عملها، كيف تصرفت بميزانيتها، كيفية اجراء معاملاتنا، ولا تقوم بنشر المعلومات الأساسية التي قد نحتاجها في حياتنا اليومية (مع بعض الاستثنائات طبعاً، منها تفاصيل الانتخابات النيابية الأخيرة) وفيما يلي بعض الامثلة من حياتي انا اليومية:
١. في بيروت شبكة للنقل العام، تسير الفانات والباصات فيها بحسب خطوط منظمة مسبقاً، ولكن خريطة هذه الخطوط، واوقات وصول الباصات غير متوفرة. اعرف ان خريطة للباصات طُبعت وتوفرت للبعض من حوالي ست سنوات، لكنها غير متوافرة اليوم .. لماذا لا يمكننا ايجاد هذه الخريطة على موقع وزارة المواصلات مثلاً، او داخل الباصات؟ لو اردت اليوم الوصول من الأشرفية الى برج البراجنة، كيف اعرف اي خط من خطوط الباص هو الأفضل؟ طبعاً، يمكنني او سؤال صديق متمرس بالتنقل في وسائل النقل العام، او احد سائقي الباصات (وارجو ممن مازال بحوزته نسخة عن تلك الخريطة توفير نسخة منها على موقع الكتروني ما).
٢. الضريبة البلدية: دفعت العام الماضي حوالي ال ٨٠٠ الف ليرة لبنانية ضريبة لبلدية بيروت على القيمة التأجيرية، مَن مِن المقيمين في بيروت يعرف كيف يتم حساب الضريبة البلدية، والتي يدفعها الجزء الكبر منا سنوياً؟ كيف يتم استخدام هذا المبلغ؟ موقع بلدية بيروت الالكتروني يقدم الكثير من المعلومات، التي يعرضها بأقل الوسائل جاذبية وبالكثير من المشاكل التقنية، ولكنه لا يجيب على الاسئلة اعلاه. الانتخابات البلدية على الابواب (ربما، ان توافق الزعماء)، ولكن، هل من وسيلة لنا لمعرفة ماذا انجز فعلاً المجلس البلدي لنحاسبه او نكافئه؟
٣. كنت قد تقدمت هذا الصيف الي وزارة الثقافة بطلب تمويل فيلم. في الوزارة، صندوق للسينما يمكن لأي مخرج او مخرجة التقدم منه بطلب تمويل (وهو امر رائع، رغم ان ما يمكن الصول عليه من تمويل لا يتعدي العشرة آلاف دولار). الطلب متوافر على الموقع، لكن دون تحديد مهلة نهائية لتقديم الطلبات (رغم وجود مهلة ان تأخرت عنها تم تأجيل طلبك للعام القادم)، لا تفاصيل عن طريقة اختيار الفائزين بالمنحة، وطبعاً لا اعلان حين يتم تقديم المنح عن الفائزين واسباب اختيارهم، فتسهل دون شك المحاصصة او الواسطة دون قدرتنا على اكتشافها او نقدها.
هذا ما بتعلق بالحاضر (وانا لم اتطرق حتى للمعلومات التي قد تكون مغلوطة، مثل امكانية ان يتسبب انفجار اطار بمقتل ثلاثة اشخاص) ، وان اخترت ان اتعمق لتكلمت عن عدم وجود ارشيف وطني، فلا معلومات لذاكرتنا، او عن المستقبل، وفيه عدم اشراكنا بالمعلومات عن الخطط المستقبلية (هل نعرف متي تنتهي اشغال البنى التحتية في بيروت؟)، ولم اطلب بعد مشاركتنا في اخذ القرار حولها.
وطبعاً، ليس منطق تغييب المعلومة حصراً بالدولة، فهو حاضرٌ في اماكن عملنا (هل هناك سلم للرواتب واضح في كل المؤسسات التي نعمل او عملنا فيها)، وهو جزء من منطق تعاطينا مع المعلومة، التي نفترض عدم وجودها بشكل مكتوب، ونحاول دوماً الحصول عليها بشكل شفهي، من افراد لديهم الخبرة العملية فيها.
يبقى ان العديد من مؤسسات دولنا لديها طبعاً فرع للمعلومات، اظنه نسبياً منظم، وأرشيفه غير مهدد بالضياع، لكن معلوماته التي يجمعها هي عن مواطنيه لا من اجلهم، للأسف