قط وزواج

لم تعد تحبه. لا تدري ان احبته يوماً. تدرك انها في زمن ما كانت تخافه. ربما سكن بينهما بعض من الحنان يوماً، ربما. واليوم، عقود بعد ارتباط حياتها بمزاجه، بات يذكرها بقطها الأسود المرقط. يجلس في زاوية منزل لهما، مستكين ضعيف، كثير الطلبات، فيمنحها سلطة التذمر. كيف كان وكيف اصبح! كيف كانا وكيف اصبحت!

قبل ان تغادر منزل اهلها، تلك المرة الأخيرة النهائية التي رسمت معالم حياتها، سكن قطٌ فناء المنزل. رغبتها في التقرب من القط امتزجت برهبة منه. رهبة لم تكن تظهرها. بقيت لسنوات تلاعبه وفي داخلها رعب تقمعه خجلاً. حتى ذلك المساء..

الشمس كانت تغادر سماء خريفية، والقط قابع مستكين في زاوية الفناء، فقد اعماه حجر رماه احد اشقياء الحي. قابع مستكين كان، والنمل يُولم على عينيه. مستكين كان، لا احتجاج يصدر منه ولا حتى مواء. بلى، ربما استغاثة خافتة اختارت اغفالها. رغبت ان توبخه.. لكن شعورها باحتقاره كان اقوى. رغبت ان تساعده.. لكن جاذبية غياب الرهبة منه كانت اقوى. دام الغروب دهراً، كأن الشمس، مثلها تتردد في المغادرة.

كيف كانا وكيف اصبحت!
كيف كان وكيف اصبح! بات يذكرها بقطها الأسود المرقط

كعكة الجزر والمشاع الإبداعي

عندي من امي دفتر صغير بخط انيق، ممتلئ بخبرة ٣٠ عاماً على الأقل، قدم لي دون اي مقابل .. ودفترها، المزين بالطحين والزيت، ممتلئ بوصفات استعملت مئات المرات

وعندي خط ساخن، مفتوح دوماً للاتصال بأختي، او زوجة عمي العزيزة.. كلما فكرت بتحضير طبق من الطعام فيه من التعقيد القليل مما يفوق شوربة العدس..

ومنهن، وغيرهن من الأحبة والصديقات، علب بلاستيكية امتلأت يوماً بالكثير من الحنان، اعيدها (وقد لا اعيدها) فارغة..

الى الأمهات اللواتي يملكن وصفات الطعام السحرية تلك، الناجحة دوماً...
الأمهات اللواتي ان زرناهن في اي وقت وجدنا وجبة تدفئ قلوبنا..
الأمهات اللواتي يهبن خبرة راكمنها عبر سنين، برحابة صدر ودون اي مقابل .. لا بتحضير الطعام فقط، بل بالفن والطب وعلم الاجتماع ايضاً.. فتصبح بذلك عمومية، ومفتوحة المصدر .. يعني
open source and with no copyright restrictions, not even attribution

والأمهات القادرات، في يوم واحد، على تحضير وجبة الطعام تلك، تدريس اطفالهن، تحضير رسالة الماجستير، تنظيم اعتصام لمناصرة الامهات في غزة، اعداد التقارير الاجتماعية او السياسية، والعمل بدوام كامل ...

اليهن، شكراً لكن على كل الوصفات والوجبات التي وهبتموها لي.. وماما، شكر خاص على وصفة كعكة الجزر