عن الرحيل وشياطين اخرى

شيطانان يتحكمان بتحولاتنا، احدهما يدعى الطموح، والآخر الحب
حكاية الراعي والملك، لا فونتين

 اسابيع قبل رحيلي، كنت قد شبهت ما امر به بدخولي نفقاً مظلماً، أدرك ان نهايته ليست ببعيدة ولكن عتمته كانت قد بدأت تلفني. لماذا ارحل؟ لماذا ارحل والمدينة كلها ملكي، والاصدقاء كثر من حولي؟ لماذا اغادر احبائي، فأخسر حكمة كبيرهم، دلال صغيرتهم، و ما بينهما. عتمة ذلك النفق الذي اقطنه من شهر او اكثر، لا تمنع الرؤية. حنو الصديقات، مساعدتهم لي في تجميد غيابي عن هذه المدينه داخل صناديق من كرتون تنتظرني، كما فَعَلت سابقاً، في المبنى الذي فيه ولدت. حارة كاملة، ومنها أبو طلال، تبحث معي عن الصناديق تلك. رفاق احلم معهم بتغيير دنيانا. نهار اليف في حديقة اختي. رقص حتي الصباح في البار الذي ازوره في الحرب والسلم، قبل الرحيل وحال العودة، والذي منه سَئِمت. سهرتهم معي في الليلة الأخيرة على تلك الشرفة التي منها ارى بيروتي التي أحب: شرفاتٌ ساكنيها كُثر، مبانٍ تستعرض عمارة مئة عام او اكثر، رغبة بالتواصل والوصول عبر لاقط غير قانوني للانترنت، وقطعة، ولو صغيرة من سماء.

لماذا ارحل؟ اتساءل وانا امسح دمعتين او اكثر. من اي سماء يناديني شيطانك ايها الرحيل؟ اعرف ان بإمكاني التظاهر بلوم بيروت وحدودها التى تتكسر خطايَ دونها. ربما لو كانت مدينتي - التي اخترتُها طوعاً وزرعت لنفسي فيها فيئاً رغم عنصريتها - لو كانت اكثر عطفاً واوسع افقاً لما كررت الرحيل. بل ربما كانت شياطيني على وفاق. ربما، لكن اللعنة اصابتني من غير مكان، اللعنة بعضها في داخلي.. توق الى ما بعد.. مهما كان. رغبة بالمزيد.. رغبة تضيء الجانب الآخر من النفق الذي يرافقني منذ شهر. هناك سوف اكتب (بلغة غير لغتي)، هناك سوف اقرأ، هناك سأمتلك وقتي، هناك في كل زاوية جديد.

حين رحلت، ظننت أن النفق سوف ينقشع عني فجأة، كم تفعل الانفاق.. لكني ربما اخطأت التشبيه، فالضوء مازال خَجِلاً يتسلل على مهلٍ.

هنا، ربما اقرأ. هنا، احاول ان اكتب. المطر في الخارج، في دفء غرفة اليفة وان لم تكن غرفتي، افكر بأنني ربما وصلت. وربما، لو كنت انا من هنا، لما اخترت الرحيل الّا الى بيروت
 

Thought of the Day

I attended a lecture of a French philosopher who spoke for one and half hour:
I understood every word he said, but only a few sentences.

Quote of the Month - قول الشهر

المجتمع زى الرصيف..
وسخ ..
ولازم يتكنس
فيه ناس بتعرق ع الرغيف..
وفي ناس بتعرق م التنس

فؤاد قاعود