حضرات المعتذرين عما جنته أياديكم في الحرب اللبنانية،
أقرأ، أسمع، وأشاهد بين حين وآخر مراجعتكم لتاريخكم الشخصي، واعتذاركم عما اقترفتوه خلال الحرب اللبنانية ( و أعني بها الحرب التي دامت من عام ١٩٧٥ حتى ١٩٩٠)، وتعبيركم عن الندم أو على الأقل عن موقف حالي مغاير لما تبنيتموه خلال السنين تلك، ولذلك أكتب لكم راجية آن تكفوا عن الاعتذار، فبالنسبة لي لا قيمه له، بل العكس، وإن غفرت لكم أخطاء الحرب لن أغفر لكم إخلاء مسؤوليتكم من تلك الأخطاء عبر إعتذار سطحي ونحن نطرق باب حرب أهلية جديدة.
بداية، وللعلم، أنا من جيل ولد والحرب في بدايتها، فانتهت الحرب وهو على حافة المشاركة بها (كفاعل لا كمفعول به)، وحتى اليوم، لا قدرة لي على استحضار أيام الحرب دون الشعور بأني أستحضر أيام طفولتي،التي رغماً عني وعن حقيقة ما كانت، أستحضرها ببعض من الحنين. أحاول مقاومة هذا الحنين في حضور شهادتكم، فرغم أن حنيني لا عطش فيه للدماء، على عكس ما أستشعره في الأجيال التي سبقتني آو التي تلتني في هذه البلاد، بي رغبة جارفة لفهم حقيقة هذه المرحلة، رغبة أحياناً تفوق رغبتي في العيش بسلام، إذ ربما إن تصارعت مع ذلك الغول كبالغة لا كطفلة أعريه من غموضه وأفكك التباسه.
بما أنكم حضرتم جميعاً في تلك السنوات الأولى من حياتي، شباباً مسلحين علي مداخل بيوتنا وآخرين مجهولين يجبرون ليلنا على الإقامة في الملاجئ، وبعضكم حتى أعرفه اليوم صديقاً أو زميلاً، ما زلت أنتظر شهادتكم كطفلة علكم تعرون تلك السنين من غموضها وسطوتها علينا جميعاً.
لكني، حتى الآن، لم أسمع في شهادتكم ما يشرح لي ما قادكم إلى حمل السلاح، ما شجعكم من أسباب سامية، عقائدية، طائفية إو حتى "تشبيحية"، وما شجعكم على الاستمرار بها. لا أسمع منكم نقداً، بالأسماء، لشركائكم من "قادة" هذه الحرب، ومعظمهم ما زال يتربع أميراً على طائفته، وأعرف أن العديد منكم ما زال من رعية تلك الإمارات. لم أسمع من أي منكم خبراً يشفي ألم أي من عائلات آلاف المفقودين، فإن كنتم صادقين باعتذاركم، فليقم كل واحد منكم، قبل أن يريح ضميره باعتذار علني، بالإستقصاء من زملائه وقادته السابقين عن مصير مخطوف واحد علي الأقل (هذا على افتراض أنكم شخصياً لا علم لكم بمصيرهم). أعلم جيداً أن الاعتذار والغفران من ركائز المصالحة، لكن الحقيقة أهم ركائزها، ويبدو أن تلك تغيب باستمرار عن استعراضاتكم (وللعلم، باستعمالي كلمة حقيقة أتكلم عن مصير الآلاف اللذين خسرناهم في الحرب، وإزالة الغموض عن مسار ١٥ عام سرقت من حياتنا جميعاً، ولا علاقة لها بحقيقة أغتيال الرئيس الحريري).
أخيراً، وبالعودة إلى الحنين، ألامس في أصدقاء لي من الأجيال التي تصغرني إعجاب بكم، فأنتم للأسف أبطالاً عند العديد منهم. صور من قتل منكم زينت جدراننا لسنين طوال، وفي السلاح والدم إغراء يظنونه بسهولة أفلام هوليوود، وشهاداتكم حتى الآن لم تجرأ على تشويه ذلك بل تؤكده. هل تخشون خسارة صورة البطولة تلك؟ ألا تعلمون أنكم بكلامكم هذا تشجعونهم علي السير على نفس الخطى؟ إن كنتم فعلا نادمين، تحملوا مسؤوليتكم كاملة وفككوا عنكم صورة تلك البطولة بصدق. وإن لم تكونوا، أرجوكم، كفوا عنا إعتذاراتكم. و
أقرأ، أسمع، وأشاهد بين حين وآخر مراجعتكم لتاريخكم الشخصي، واعتذاركم عما اقترفتوه خلال الحرب اللبنانية ( و أعني بها الحرب التي دامت من عام ١٩٧٥ حتى ١٩٩٠)، وتعبيركم عن الندم أو على الأقل عن موقف حالي مغاير لما تبنيتموه خلال السنين تلك، ولذلك أكتب لكم راجية آن تكفوا عن الاعتذار، فبالنسبة لي لا قيمه له، بل العكس، وإن غفرت لكم أخطاء الحرب لن أغفر لكم إخلاء مسؤوليتكم من تلك الأخطاء عبر إعتذار سطحي ونحن نطرق باب حرب أهلية جديدة.
بداية، وللعلم، أنا من جيل ولد والحرب في بدايتها، فانتهت الحرب وهو على حافة المشاركة بها (كفاعل لا كمفعول به)، وحتى اليوم، لا قدرة لي على استحضار أيام الحرب دون الشعور بأني أستحضر أيام طفولتي،التي رغماً عني وعن حقيقة ما كانت، أستحضرها ببعض من الحنين. أحاول مقاومة هذا الحنين في حضور شهادتكم، فرغم أن حنيني لا عطش فيه للدماء، على عكس ما أستشعره في الأجيال التي سبقتني آو التي تلتني في هذه البلاد، بي رغبة جارفة لفهم حقيقة هذه المرحلة، رغبة أحياناً تفوق رغبتي في العيش بسلام، إذ ربما إن تصارعت مع ذلك الغول كبالغة لا كطفلة أعريه من غموضه وأفكك التباسه.
بما أنكم حضرتم جميعاً في تلك السنوات الأولى من حياتي، شباباً مسلحين علي مداخل بيوتنا وآخرين مجهولين يجبرون ليلنا على الإقامة في الملاجئ، وبعضكم حتى أعرفه اليوم صديقاً أو زميلاً، ما زلت أنتظر شهادتكم كطفلة علكم تعرون تلك السنين من غموضها وسطوتها علينا جميعاً.
لكني، حتى الآن، لم أسمع في شهادتكم ما يشرح لي ما قادكم إلى حمل السلاح، ما شجعكم من أسباب سامية، عقائدية، طائفية إو حتى "تشبيحية"، وما شجعكم على الاستمرار بها. لا أسمع منكم نقداً، بالأسماء، لشركائكم من "قادة" هذه الحرب، ومعظمهم ما زال يتربع أميراً على طائفته، وأعرف أن العديد منكم ما زال من رعية تلك الإمارات. لم أسمع من أي منكم خبراً يشفي ألم أي من عائلات آلاف المفقودين، فإن كنتم صادقين باعتذاركم، فليقم كل واحد منكم، قبل أن يريح ضميره باعتذار علني، بالإستقصاء من زملائه وقادته السابقين عن مصير مخطوف واحد علي الأقل (هذا على افتراض أنكم شخصياً لا علم لكم بمصيرهم). أعلم جيداً أن الاعتذار والغفران من ركائز المصالحة، لكن الحقيقة أهم ركائزها، ويبدو أن تلك تغيب باستمرار عن استعراضاتكم (وللعلم، باستعمالي كلمة حقيقة أتكلم عن مصير الآلاف اللذين خسرناهم في الحرب، وإزالة الغموض عن مسار ١٥ عام سرقت من حياتنا جميعاً، ولا علاقة لها بحقيقة أغتيال الرئيس الحريري).
أخيراً، وبالعودة إلى الحنين، ألامس في أصدقاء لي من الأجيال التي تصغرني إعجاب بكم، فأنتم للأسف أبطالاً عند العديد منهم. صور من قتل منكم زينت جدراننا لسنين طوال، وفي السلاح والدم إغراء يظنونه بسهولة أفلام هوليوود، وشهاداتكم حتى الآن لم تجرأ على تشويه ذلك بل تؤكده. هل تخشون خسارة صورة البطولة تلك؟ ألا تعلمون أنكم بكلامكم هذا تشجعونهم علي السير على نفس الخطى؟ إن كنتم فعلا نادمين، تحملوا مسؤوليتكم كاملة وفككوا عنكم صورة تلك البطولة بصدق. وإن لم تكونوا، أرجوكم، كفوا عنا إعتذاراتكم. و
5 comments:
See reflections on this post by a fellow blogger on:
http://talesfrombeirut.blogspot.com/2007/05/blog-post_97.html
rpeMy first thought was "What a rare treat! Another installment in Arabic!"
Now I'm grateful that at least one person of our generation has found our voice... This time, I feel an undeniable urge to thank you.
Ya Allah Ya Muzna, I'm torn between applauding your eloquence, and cursing the day we were born as sheep. I add my voice to Maha's, thank you!
Muzna,
I just got to your blog through a link to the movie cohabitation, and I v been reading your earlier posts nonstop for the last hour .
I love it..I myself feel guilty and helpless having been away in safety while my family and friends were under the bombs in the south.I hang on to stories I do not know why, I read them and reread them and cry. I do notwant to relive them, but they were so intense so transforming, that I can't let go..
you are doing a great job, and u have a way with words. I can tell u as a fellow lebanese and jnoubieh ur work is greatly appreciated,and please keep it up.
Hala
Thanks Hala for your very kind words (I was writing for my own sanity above all), though I feel bad about making you cry... and please don't feel guilty, no body should go through this, and you being there wouldn't have stopped the bombs. I am by the way not from the south myself, but all the same. What link to Cohabitation did you come across? I am curious..
Post a Comment