يقف الظابط مذهولاً امام الحشود.
"من اين اتى هؤلاء، اين كانوا، وهل غابت عنهم بصمات الأعوام الثلاثين التي قضيت اغلبها اتدرج زاحفاً الى رتبتي هذه؟ كنت انتظر ترقيتي آخر هذا الشهر بعد انتظار اعوام اربعة. ربما تمكنّي زيادة الراتب أن استكمل جهاز ابنتي او اشتري للصغار جهاز الكومبيوتر الذي يحلمون به. ربما كانت لتضيف النجمة الجديدة على كتفي هيبة تستشعرها زوجتي التي منذ ما يشابه القرن باتت تتمنع كلما توددت اليها. ربما تسمح تلك النجمة لهذه القامة، او بعض منها بالانتصاب.
من هؤلاء الذين يملؤون الساحات ويظهرون اليوم على الشاشات باسمين .. من هي تلك الفتاة ذات الشعر الأجعد التي باتت تظن ان المكان والزمان ملكها؟ من تلك الأخرى تندد بالتعذيب في السجون؟ التعذيب.. هو ان تكون الفاعل والمفعول به اقول.. التعذيب ان تقف بين بدي ظابطٍ يكبرك نجمة او نجمتين .. يتخلص من ذل ظابط يزيده نجوماً عبر اذلالك.. فتعود انت الى مجنديك وسجنائك تحمل ذلك وذل مرؤوسيك.. هذا هو التعذيب.. هذه هي الأثقال التي تتطأطئ تحتها قامتي. وتسأل نفسك، اين اتخلص من حملي هذا؟ اين أُخفيه حتى لا تراه زوجتي حين اعود الى منزلي هذا المساء؟
انا لم اختر ذلك، لم أختر ذلك.. قيل لي "كلية الشرطة المصرية"، أبي أرادني ظابطاً ليزهو بي. أبي ارادني ظابطاً كي اعيل عائلتي لأنه هو لم يتمكن من اعاله عائلته. رحمك.. وسامحك الله يا والدي.
ها هو امامي، احدهم. العلم المصري على كتفيه، في يده شعار لأسقاط ذلك الذي كان سيأمر بترقيتي وزيادة راتبي. ها هو يمر امامي باسماً مزهواً بقامته. ربما لو رأته زوجتي لأختارته دوني. نهار عملي انتهى لكن لا قدرة لي على العودة الى المنزل. ماذا اقول لها الليلة؟ كيف اخبرها عن غدٍ لا اعرف معالمه؟ لا زيادة في الراتب ولا في النجوم بل متاهة غموض تبتلعني. من سأكون غداً؟ من اكون دون النجوم على كتفي."
يُخرِج الظابط مسدسه. يتردد لثواني.. يصوبه على الحشود. يعود ويصوبه على صدغه. ترتجف اصابعه قبل ان تطلق النار.. على نجمة في وسط علم على كتف شاب يحمل شعاراً مطالباً باسقاط النظام
"من اين اتى هؤلاء، اين كانوا، وهل غابت عنهم بصمات الأعوام الثلاثين التي قضيت اغلبها اتدرج زاحفاً الى رتبتي هذه؟ كنت انتظر ترقيتي آخر هذا الشهر بعد انتظار اعوام اربعة. ربما تمكنّي زيادة الراتب أن استكمل جهاز ابنتي او اشتري للصغار جهاز الكومبيوتر الذي يحلمون به. ربما كانت لتضيف النجمة الجديدة على كتفي هيبة تستشعرها زوجتي التي منذ ما يشابه القرن باتت تتمنع كلما توددت اليها. ربما تسمح تلك النجمة لهذه القامة، او بعض منها بالانتصاب.
من هؤلاء الذين يملؤون الساحات ويظهرون اليوم على الشاشات باسمين .. من هي تلك الفتاة ذات الشعر الأجعد التي باتت تظن ان المكان والزمان ملكها؟ من تلك الأخرى تندد بالتعذيب في السجون؟ التعذيب.. هو ان تكون الفاعل والمفعول به اقول.. التعذيب ان تقف بين بدي ظابطٍ يكبرك نجمة او نجمتين .. يتخلص من ذل ظابط يزيده نجوماً عبر اذلالك.. فتعود انت الى مجنديك وسجنائك تحمل ذلك وذل مرؤوسيك.. هذا هو التعذيب.. هذه هي الأثقال التي تتطأطئ تحتها قامتي. وتسأل نفسك، اين اتخلص من حملي هذا؟ اين أُخفيه حتى لا تراه زوجتي حين اعود الى منزلي هذا المساء؟
انا لم اختر ذلك، لم أختر ذلك.. قيل لي "كلية الشرطة المصرية"، أبي أرادني ظابطاً ليزهو بي. أبي ارادني ظابطاً كي اعيل عائلتي لأنه هو لم يتمكن من اعاله عائلته. رحمك.. وسامحك الله يا والدي.
ها هو امامي، احدهم. العلم المصري على كتفيه، في يده شعار لأسقاط ذلك الذي كان سيأمر بترقيتي وزيادة راتبي. ها هو يمر امامي باسماً مزهواً بقامته. ربما لو رأته زوجتي لأختارته دوني. نهار عملي انتهى لكن لا قدرة لي على العودة الى المنزل. ماذا اقول لها الليلة؟ كيف اخبرها عن غدٍ لا اعرف معالمه؟ لا زيادة في الراتب ولا في النجوم بل متاهة غموض تبتلعني. من سأكون غداً؟ من اكون دون النجوم على كتفي."
يُخرِج الظابط مسدسه. يتردد لثواني.. يصوبه على الحشود. يعود ويصوبه على صدغه. ترتجف اصابعه قبل ان تطلق النار.. على نجمة في وسط علم على كتف شاب يحمل شعاراً مطالباً باسقاط النظام
3 comments:
حلوة كتير... حبيتها. لغة كثيفة وجدا ومؤثرة رغم إيجازها.
ملاحظة صغيرة كلمة ظابط مش صح، والصحيح ضابط
حبيت انك حبيتيها.. واكيد بإيجاز، لأنه ما عندي طولة بال اكتب اطول.. وشكراً على التصحيح.. مثل دايماً
Post a Comment