من أين تـنبع القيم والأخلاق؟ وكيف تتدفق في حياتنا اليومية لتكون المرجع والميثاق والبوصلة؟
هذان السّؤالان نطرحهما دائمًا، مع أصدقاء لنا، عند تقويمنا للوضع العام والراهن، أمام فشل الدولة ومؤسساتها، وتردّي الأوضاع الإقتصادية، وغياب الرّقابة، وانعدام المساءلة والعقاب. نتساءل عن دور الأخلاق حيال الغلاء المعيشي وفقر المواطن، في وجه غنى البعض الفاحش، وتفشيّ شتّى أساليب النّهب والاحتيال والغش وتبييض الأموال.
على السؤال الأوّل، يأتي الجواب سريعًا من التربية التي نتجرّعها ونعيشها في البيت كما المدرسة. كنّا وما زلنا نتعرّف الخطأ والصواب من خلال تجاربنا اليوميّة، وكنا في الصغر نكافأ على الصّواب، و نوعَظ عند الخطأ.
فلنسترجع سوياً بِضعاً من تلك الأمثال والحكم والنصائح التي كنّا نسمعها صغارًا، ولنحاول إعادة قراءتها وكتابتها على ضوء التجارب المادّيّة الّتي اختبرناها:
"المال الحرام لا يدوم".
كان جدّي، رحمه الله، دائمَ التّرداد لهذه العبارة. والحقيقة أنّي، بعد أن كبرت وعملت بجهد وصدق ونزاهة ضمير، اكتشفت أنّ المال الحلال لا يدوم. فعندما يحين الأسبوع الثالث من أيّ شهر، يكون هذا المال الحلال، والقليل، قد اختفى تمامًا. وبعد التدقيق والتّمعّن في الموضوع، استخلصت بأنّ المال الحرام هو ما يدوم في الأرض، ولعدّة أجيال لاحقة، بل يصبح ثروة، ويستعمل فيما بعد في مشاريع خيرية لمساعدة أولاد الحلال أمثالي وأمثالكم.
"من حفر حفرة لأخيه وقع فيها".
ولكم أضحكني خالي عندما كان يقول أنّ من حفر حفرة لأخيه، ليس من الضروري، أن يقع فيها. فشروط "أن يقع فيها" كثيرة، منها دولة قانون، والمؤسّسات المجتهدة، والقضاء المستقلّ، والأعين العادلة الّتي تسهر وتراقب وتحاسب. فالتّجارب الواقعيّة أثبتت لنا أنّ من يقع في الحفرة هو الأخ الذي حُفِرت له خصّيصًا، أمّا الّذي حَفرها فإنّه يعبر فوقها براحة وطُمأنينة، ولا يتعثّر في مشيِهِ لأنّها ملأى. وما رسوم الميكانيك الّتي ندفعها، كلّ سنة، ضريبة امتلاكنا سيّارة، سوى لتغطية تكاليف معالجة تلك الحفر.
"من جدّ وجد ومن زرع حصد".
لنكن واقعيين وصادقين، حتّى وإن كان الواقع حزيناً. في لبنان، هذه الحكمة تصبح على الشكل التالي "من جدّ ومن زرع هم أناسٌ كادحون ومجتهدون، أمّا من وجد أو حصد فهم أهل الواسطة".
"من غشّنا ليس منّا".
حكمة لطالما ردّدها أستاذ اللّغة العربيّة في أثناء الاختبار. لكن، وللأسف الشديد، من غشّنا يربح الانتخابات، وهو نائب، ووزير، ومدير، وله مؤسّسات الرّعاية الاجتماعيّة والمدنيّة توزّع علينا جزءاً مما جَناه حين غشّنا.
"حبل الكذب قصيرً".
أعتذر ممّن أطلق هذه العبارة، فحبل الكذب طويل، وطويل جدًّا، وقد يكرّ و يسحب لأربع سنين في مجلس النواب، فضلاً عن التّمديد والتّجديد، و لسبعة وستين عامًا من عمر دولة على سبيل المثال.
"من طلب العلا، سهر الليالي".
ينبغي لبننة هذه النصيحة لتصيركالآتي "من طلب العلا، ذهب مع والده وانتظر لساعات في صالون ضيافة أمير الطّائفة لنيل رضاه، ومن بعد سنتين في العلا، يمكنه أن يسهر اللّيالي في الجمّيزة أو شارع الحمرا".
"من سار على الدرب وصل".
أي لبناني شاب، سار على الدرب، وسلاحه العلم والمعرفة والكفاءة، وصل إلى مطار بلاد الهجرة بسلام و الحمد لله.
لا تسيؤوا فهمي، إنّ المشروع الأخلاقيّ أساسُ أيّ مشروع سياسيّ، أو اجتماعي، أو ثقافي، أو مشروع نهضة دولة ما، أو حتّى علاقة زواج بين اثنين. ولكن الأخلاق منهج وطريقة حياة وأدوات، وليست نتائج بالضرورة. لذلك، وأمام انهيار هذا المشروع الأخلاقيّ في الحياة العامّة، وَجب تحصين هذا المشروع الأخلاقيّ على المستوى الشخصيّ والخاصّ، كما وجبَت إعادة صياغة بعض الأقوال والأمثال والحكم بتشجيع النهج الخلوق فيها، وفصل النهج عن النتائج المرجوّة، لأن الواقع الذي يحكم وينتج، للأسف الشديد، واقع لا أخلاقي...
هذان السّؤالان نطرحهما دائمًا، مع أصدقاء لنا، عند تقويمنا للوضع العام والراهن، أمام فشل الدولة ومؤسساتها، وتردّي الأوضاع الإقتصادية، وغياب الرّقابة، وانعدام المساءلة والعقاب. نتساءل عن دور الأخلاق حيال الغلاء المعيشي وفقر المواطن، في وجه غنى البعض الفاحش، وتفشيّ شتّى أساليب النّهب والاحتيال والغش وتبييض الأموال.
على السؤال الأوّل، يأتي الجواب سريعًا من التربية التي نتجرّعها ونعيشها في البيت كما المدرسة. كنّا وما زلنا نتعرّف الخطأ والصواب من خلال تجاربنا اليوميّة، وكنا في الصغر نكافأ على الصّواب، و نوعَظ عند الخطأ.
فلنسترجع سوياً بِضعاً من تلك الأمثال والحكم والنصائح التي كنّا نسمعها صغارًا، ولنحاول إعادة قراءتها وكتابتها على ضوء التجارب المادّيّة الّتي اختبرناها:
"المال الحرام لا يدوم".
كان جدّي، رحمه الله، دائمَ التّرداد لهذه العبارة. والحقيقة أنّي، بعد أن كبرت وعملت بجهد وصدق ونزاهة ضمير، اكتشفت أنّ المال الحلال لا يدوم. فعندما يحين الأسبوع الثالث من أيّ شهر، يكون هذا المال الحلال، والقليل، قد اختفى تمامًا. وبعد التدقيق والتّمعّن في الموضوع، استخلصت بأنّ المال الحرام هو ما يدوم في الأرض، ولعدّة أجيال لاحقة، بل يصبح ثروة، ويستعمل فيما بعد في مشاريع خيرية لمساعدة أولاد الحلال أمثالي وأمثالكم.
"من حفر حفرة لأخيه وقع فيها".
ولكم أضحكني خالي عندما كان يقول أنّ من حفر حفرة لأخيه، ليس من الضروري، أن يقع فيها. فشروط "أن يقع فيها" كثيرة، منها دولة قانون، والمؤسّسات المجتهدة، والقضاء المستقلّ، والأعين العادلة الّتي تسهر وتراقب وتحاسب. فالتّجارب الواقعيّة أثبتت لنا أنّ من يقع في الحفرة هو الأخ الذي حُفِرت له خصّيصًا، أمّا الّذي حَفرها فإنّه يعبر فوقها براحة وطُمأنينة، ولا يتعثّر في مشيِهِ لأنّها ملأى. وما رسوم الميكانيك الّتي ندفعها، كلّ سنة، ضريبة امتلاكنا سيّارة، سوى لتغطية تكاليف معالجة تلك الحفر.
"من جدّ وجد ومن زرع حصد".
لنكن واقعيين وصادقين، حتّى وإن كان الواقع حزيناً. في لبنان، هذه الحكمة تصبح على الشكل التالي "من جدّ ومن زرع هم أناسٌ كادحون ومجتهدون، أمّا من وجد أو حصد فهم أهل الواسطة".
"من غشّنا ليس منّا".
حكمة لطالما ردّدها أستاذ اللّغة العربيّة في أثناء الاختبار. لكن، وللأسف الشديد، من غشّنا يربح الانتخابات، وهو نائب، ووزير، ومدير، وله مؤسّسات الرّعاية الاجتماعيّة والمدنيّة توزّع علينا جزءاً مما جَناه حين غشّنا.
"حبل الكذب قصيرً".
أعتذر ممّن أطلق هذه العبارة، فحبل الكذب طويل، وطويل جدًّا، وقد يكرّ و يسحب لأربع سنين في مجلس النواب، فضلاً عن التّمديد والتّجديد، و لسبعة وستين عامًا من عمر دولة على سبيل المثال.
"من طلب العلا، سهر الليالي".
ينبغي لبننة هذه النصيحة لتصيركالآتي "من طلب العلا، ذهب مع والده وانتظر لساعات في صالون ضيافة أمير الطّائفة لنيل رضاه، ومن بعد سنتين في العلا، يمكنه أن يسهر اللّيالي في الجمّيزة أو شارع الحمرا".
"من سار على الدرب وصل".
أي لبناني شاب، سار على الدرب، وسلاحه العلم والمعرفة والكفاءة، وصل إلى مطار بلاد الهجرة بسلام و الحمد لله.
لا تسيؤوا فهمي، إنّ المشروع الأخلاقيّ أساسُ أيّ مشروع سياسيّ، أو اجتماعي، أو ثقافي، أو مشروع نهضة دولة ما، أو حتّى علاقة زواج بين اثنين. ولكن الأخلاق منهج وطريقة حياة وأدوات، وليست نتائج بالضرورة. لذلك، وأمام انهيار هذا المشروع الأخلاقيّ في الحياة العامّة، وَجب تحصين هذا المشروع الأخلاقيّ على المستوى الشخصيّ والخاصّ، كما وجبَت إعادة صياغة بعض الأقوال والأمثال والحكم بتشجيع النهج الخلوق فيها، وفصل النهج عن النتائج المرجوّة، لأن الواقع الذي يحكم وينتج، للأسف الشديد، واقع لا أخلاقي...
No comments:
Post a Comment