كُفي يا رفيقة، لقد تعِبت. فلتهدئي قليلاً، أو فلتسمحي لي الابتعاد عن صخبك. تعِبت، غير أنه، بقدر رغبة الخلاص منك، بي شهوة لكِ، كشهوة إمرأة لزوج يعنفها، أو رغبة سكّير بمزيد من الخمر. أشتهيكِ وأبغضكِ في آن. كيف لا، وأنت ما زلت عصية على مداركي؟ كلما اقتربت منكِ احترقتُ وان ابتعدت تهت. هكذا انتِ، كرجلٍ ينأى عن الناس بهدوئِه وصمتِه، فيشدهم إليه بوتر الغموض. لكني ان تبِعتُكِ تألمت، وان تمنعتُ عاد إلي التساؤل عن تلك التي في يومياتي، منذ ان كنت في الثالثة من عمري، الأبرز والأكثر حضوراً.
أجدُكِ في كل صور طفولتي. وبعد، ما نظرت إلى أي من صوركِ، حتى ولو كانت من بلاد قصية، إلا واستذكرت تلك السنين الأولى من عمري. أتعلمين؟ كنت في صغري احسب ان الحياة كذا، تمر عليها المعارك كما توالي الفصول، يوم مشمس يتبعه حُكماً يوم ماطر. حتى ابتعدتِ، وإن لحين؛ أدركت حينها أن للأيام وتيرة أكثر اتزاناً في غيابك. وتيرة لا اعرفها فأنا في ضوضاء عفويتكِ، وتلك المزاجية المفرطة، نسيت أن أتعلم كيف تنتظم الحياة بغير إيقاعك. أنت عنوان أول ما كتبت، وبسببك تعرفت على عشقي الأول، ولسبر غورك اغلب ما درست وقرأت. أنت أول ذكرياتي، وعبرك تعرفت على الكثير من الأصدقاء. حتى تجاعيد جبيني من نحتك.
كيف لكِ اذن، بعد ان نسجت يومياتي على نولك ان تظهري لي كل هذه القسوة؟ كيف لكِ ان تسرقي مني مستقبلاً وتملئي أيامي عنفاً؟ تسبغين علي الدموع وتملئين قلبي حزناً في زياراتك المتكررة، وأنا لم أجرؤ يوماً حتى على تجاهلك. ألهذا تؤلميني؟ اتنتقمين ممن يحاول فهمك ام ممن هم اقرب إليكِ؟ لا ألومك وحدك، اعرف ان هناك من أرسلكِ الى بلادنا، ان هناك من أكرمَكِ ورحب بقدومِكِ، واستغلكِ. اعرف.. ولن أقول أنكِ وحدكِ المخطئة. لكن كيف لي أنا التي ألِفتُكِ أن أحتمي من غدرك؟
اقول أُلفة بيننا، ولا اعرف ما الذي يجمعني بك، هل أنِستٌكِ أم أني فقط اعتدتكِ رفقتكِ؟ اقول رفيقة لأنكِ رافقتِ ترحالي وإن دون رفق ولين؛ ربما أخطئ في تسميتكِ.. كيف اسميك يا غريبة قريبة؟ لا لستِ بغريبة، فأنتِ مثلي ثمرة هذه البلاد.. هل أسميكِ صديقة؟ هل أسمي ما بيننا عِشرةً أم صُحبة؟ أسماؤك تستعصي علي كما فهمك. كيف لي إذن الرحيل عنك؟ كيف وأنا لست أعرف عما أبتعد؟ لا قدرة لي على الرحيل.. هل لكِ انتِ أن تغادري وتتركيني ببعضٍ من سلام، رفقاً بي يا ابنة العم؟ شدي رحالك وافسحي لي بعضاً من الحياة دونك، لأعرف ما قد اكون لو لم تكوني
أجدُكِ في كل صور طفولتي. وبعد، ما نظرت إلى أي من صوركِ، حتى ولو كانت من بلاد قصية، إلا واستذكرت تلك السنين الأولى من عمري. أتعلمين؟ كنت في صغري احسب ان الحياة كذا، تمر عليها المعارك كما توالي الفصول، يوم مشمس يتبعه حُكماً يوم ماطر. حتى ابتعدتِ، وإن لحين؛ أدركت حينها أن للأيام وتيرة أكثر اتزاناً في غيابك. وتيرة لا اعرفها فأنا في ضوضاء عفويتكِ، وتلك المزاجية المفرطة، نسيت أن أتعلم كيف تنتظم الحياة بغير إيقاعك. أنت عنوان أول ما كتبت، وبسببك تعرفت على عشقي الأول، ولسبر غورك اغلب ما درست وقرأت. أنت أول ذكرياتي، وعبرك تعرفت على الكثير من الأصدقاء. حتى تجاعيد جبيني من نحتك.
كيف لكِ اذن، بعد ان نسجت يومياتي على نولك ان تظهري لي كل هذه القسوة؟ كيف لكِ ان تسرقي مني مستقبلاً وتملئي أيامي عنفاً؟ تسبغين علي الدموع وتملئين قلبي حزناً في زياراتك المتكررة، وأنا لم أجرؤ يوماً حتى على تجاهلك. ألهذا تؤلميني؟ اتنتقمين ممن يحاول فهمك ام ممن هم اقرب إليكِ؟ لا ألومك وحدك، اعرف ان هناك من أرسلكِ الى بلادنا، ان هناك من أكرمَكِ ورحب بقدومِكِ، واستغلكِ. اعرف.. ولن أقول أنكِ وحدكِ المخطئة. لكن كيف لي أنا التي ألِفتُكِ أن أحتمي من غدرك؟
اقول أُلفة بيننا، ولا اعرف ما الذي يجمعني بك، هل أنِستٌكِ أم أني فقط اعتدتكِ رفقتكِ؟ اقول رفيقة لأنكِ رافقتِ ترحالي وإن دون رفق ولين؛ ربما أخطئ في تسميتكِ.. كيف اسميك يا غريبة قريبة؟ لا لستِ بغريبة، فأنتِ مثلي ثمرة هذه البلاد.. هل أسميكِ صديقة؟ هل أسمي ما بيننا عِشرةً أم صُحبة؟ أسماؤك تستعصي علي كما فهمك. كيف لي إذن الرحيل عنك؟ كيف وأنا لست أعرف عما أبتعد؟ لا قدرة لي على الرحيل.. هل لكِ انتِ أن تغادري وتتركيني ببعضٍ من سلام، رفقاً بي يا ابنة العم؟ شدي رحالك وافسحي لي بعضاً من الحياة دونك، لأعرف ما قد اكون لو لم تكوني
Shibboleth by artist Doris Salcedo
Photo by wonderferret, republished (with thanks) under an attribution genrric 2.0 creative commons license.